خاص بسفراء
لا تفوت ألف سالان زيارة جامع “هركاي شريف” في الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك، فقد اعتادت على أن تكون في مقدمة من “يتباركون” برؤية الخرقة الشريفة في هذا اليوم منذ أن زارته للمرة الأولى قبل عشرة أعوام.
وعلى أبواب المسجد، يصطف آلاف من الزوار الذين يحضرون من كافة المدن والولايات التركية في طوابير طويلة، بل إن بعضهم يمضي أكثر من ثلاث ساعات في حركة الطابور بانتظار الوصول إلى مكان عرض البردة ومقتنيات اخرى من أثر الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
وداخل المسجد، يتوزع الحرس ورجال الأوقاف الذين ينظمون حركة الزائرين ويحثونهم على عدم الإطالة ويمنعون من أراد منهم التقاط صور في الداخل.
وتقول سالا أنها ستظل حريصة على زيارة المسجد في كل مرة يفتتح فيها للزائرين ما دامت على قيد الحياة، موضحة أنها لا تسأم من رؤية متعلقات النبي محمد عليه السلام.
حكاية البردة
ويوم الجمعة الماضي، فتح الجامع الواقع في منطقة الفاتح بالجزء الأوروبي من مدينة إسطنبول، أبوابه أمام الزوار بحضور حشود كبيرة من الزوار ومفتي إسطنبول حسن كامل يلماز، ورئيس بلدية حي الفاتح محمد أرغون طوران.
كما شارك في مراسم الافتتاح باريش سامر، حفيد التابعي أويس القرني من الجيل الـ 59، الذي يتولى مهمة الحفاظ على البردة النبوية الشريفة.
فقد أخذ الجامع اسمه من بردة النبي محمد عليه السلام الله عليه وسلم”الخرقة” الموجودة بداخله، والتي أهداها النبي للتابعي أويس القرني.
وتقول الروايات المنسوبة للقرني أن النبي أوصى بإعطاء بردته خلال رحلته بليلة الإسراء والمعراج إلى رجل من اهل اليمن يقال له أويس بن عامر، من قرن باليمن وهو الذي أدرك عهد النبي عليه السلام لكنه لم يلقه أبداً.
وقيل أن أويسا الذي نشأ وترعرع في اليمن عرف بشدة بره بوالدته الأمر الذي حبسه عن زيارة المدينة للقاء الرسول عليه السلام.
كما يحكى أن أويسا نجح في زيارة المدينة المنورة في العام التاسع للهجرة لكنه لم يتمكن من لقاء الرسول عليه السلام الذي كان قد خرج وقتذاك إلى غزوة تبوك.
وتروي التراجم أن أويس القرني انتقل فيما بعد إلى شمال العراق، واستشهد في معركة صفين عام 657 بعدما قاتل إلى جانب الصحابي وخليفة النبي الرابع علي ابن أبي طالب.
ووفقاً لحفيده باريش سامر، فقد انتقلت البردة بعد وفاة القرني إلى شقيقه، ثم نقلت إلى تركيا حتى وصلت إلى يومنا الحاضر عن طريق 59 جيلا من أحفاد التابعي أويس القرني.
المناسبة الخاصة
وطوال أيام السنة، يبقى مسجد الخرقة مفتوحا أمام المصلين للصلوات الخمس يوميا كما تقام فيه صلاة التراويح لقيام شهر رمضان وتصلى فيه الجمع والأعياد.
لكن السلطات التركية تفتح الغرف التي تحفظ فيها البردة الشريفة للزوار وتسمح لهم بمشاهدتها بين العاشرة صباحا وحتى السادسة مساء خلال أيام الأسبوع، وبين التاسعة صباحا إلى السادسة مساء أيام عطلة نهاية الأسبوع (يومي السبت والأحد).
وكما جرت العادة في المسجد، يسمح للزوار اعتبارا من الجمعة الأولى من كل رمضان، بزيارة البردة الشريفة، حتى أواخر الشهر الفضيل.
لكن إقبال الزائرين لرؤية البردة يبلغ ذروته ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان التي يعتبرها العرف التركي ليلة القدر، حيث يبقى الباب مفتوحا للزوار لرؤية البردة الشريفة إلى الساعة 02.30 فجرا.
وفي تلك الليلة، تتدفق الحافلات من كافة الولايات التركية على المسجد وتغلق شرطة المرور كافة الطرق الموصلة إليه في وجه حركة السير العادية تجنبا للأزمات والاختناقات في الشوارع.
وعلى أرصفة الأزقة الضيقة الموصلة للمسجد يتوزع الباعة الجوالة وأصحاب البسطات التي تعرض للزوار مقتنيات تذكارية ترتبط بالمكان من عطور المسك وعيدان السواك وسجادات الصلاة وغيرها من الأدوات التي يقبل الناس على شرائها كتذكار من زيارة المكان.
كما يبادر أهل الخير وبلدية الفاتح لنصب موائد الطعام للزوار الصائمين الذين يتأخرون في المكان لتناول وجبات إفطارهم في ضيافة بردة النبي عليه السلام.