اختتم مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” أعماله في السعودية والذي عقد في نسخته السادسة من 25 إلى 27 تشرين الأول/أكتوبر الحالي في “مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات” في الرياض بمشاركة 6000 شخص من كل أنحاء العالم.
جلسة “تحويل الأعمال المصرفية والاستثمارية من أجل الاقتصاد المرن”
واستهل اليوم الثالث والأخير للمؤتمر أولى جلساته بعنوان “تحويل الأعمال المصرفية والاستثمارية من أجل الاقتصاد المرن” تحدث خلالها الرئيس التنفيذي لـ”بنك التصدير والاستيراد” سعد بن عبد العزيز الخلب.
وخلال الجلسة، دار الحديث حول حقيقة أن التكنولوجيا لا تزال تؤثر على الممارسات المصرفية والمالية مع بدء الاقتصاد في التحول في عالم ما بعد جائحة كورونا، وما خلفته من تبعات اقتصادية عالمية، وتأكيد البنك الدولي أن ثلثي البالغين في جميع أنحاء العالم يسددون أو يتلقون الآن مدفوعاتهم الرقمية، وفي الوقت نفسه أدى صعود صغار المستثمرين إلى تغيير مجالات الاستثمار في جميع أنحاء العالم.
وتطرّقت الجلسة كذلك إلى اتجاهات الرقمنة في الاستثمار وأن الخدمات المصرفية الموجودة ستبقى، وما هو تأثيرها على مستقبل الاستثمار الخاص والخدمات المصرفية الرقمية؟ وكيف استجابت البنوك للعادات المتغيرة بين المستهلكين والشركات؟
وأكد الخلب أن “الهدف الرئيس في المملكة ضمان تأمين الصادرات السعودية ودعم التجارة العالمية والمشروعات الطويلة الأمد العالمية”، مضيفاً بقوله إن “المهام الأساسية للبنك تتمثل في تقديم الائتمان اللازم للصادرات وتسهيل الصادرات وتطوير المؤسسات المالية من خلال دعم الحكومة للتجارة الخارجية”.
وأشار إلى أنه “لا يوجد أي تراجع للاقتصاد السعودي سواءً خلال جائحة كورونا أو التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الفائدة؛ لأن المملكة تمتلك منظومة قادرة على التدخل وتقديم الدعم اللازم للأنشطة التجارية والمعاملات العابرة للحدود”.
وذكر بأنه “في العام 2020 وخلال جائحة كورونا تمت الموافقة على دعم الصادرات السعودية بـ 20 مليار ريال، وكانت لدينا استجابة سريعة من خلال توفير الأموال اللازمة لزيادة الصادرات وتغطية المخاطر لأننا في المملكة نعد مركزاً للخدمات اللوجيستية”.
وأوضح أن”المملكة لديها المبادرة الخاصة بالخدمات اللوجيستية؛ لتمكين التجارة العالمية من خلال استخدام القدرات لأن الموقع الجغرافي للمملكة يعد مركزاً إستراتيجياً يربط ثلاث قارات مع وجود منظومة متكاملة مترابطة مع أفريقيا.
وتابع أن “البنوك الاستثمارية والمؤسسات المالية تحولت إلى بنوك داعمة للصادرات والتجارة، وأن رؤية المملكة 2030 مستمرة في التوسع مما جعل المملكة مركزاً لوجيستياً لدعم العالم إلى جانب الإستراتيجيات الأخرى”.
كما تطرقت الجلسة إلى الاستفادة من تكلفة سوق رأس المال مع التكلفة المنخفضة للمعاملات، والوفرة العالية للمعلومات والأمان العالي، بالإضافة إلى التحديات الصعبة التي تواجهها البنوك والمؤسسات المصرفية، وكذلك الرغبة الجادة لتجاوز الأزمة المالية العالمية.
وتناولت الجلسة كذلك سبل توظيف الذكاء الاصطناعي، والتطور التقني في الخدمات التي تقدمها البنوك والشركات المصرفية، كما تحدثت الجلسة عن منصات المصارف والتي تقدم من خلالها منتجات صديقة للبيئة، والحوكمة، وازدياد حجم البنوك الرقمية بنسبة 50 في المئة بعد جائحة كورونا، وبروز قطاع التقنية المالية، وجودة الأصول، وطريقة الرهن العقاري.
جلسة “الاستثمار من أجل التأثير العالمي”
من جهة ثانية، عقدت جلسة تحت عنوان ” الاستثمار من أجل التأثير العالمي” أكد فيها المجتمعون أن التنوع الثقافي والاجتماعي في دول الخليج، ساهم بشكل كبير في ما تشهده المنطقة حالياً من نمو اقتصادي كبير ومن ارتفاع في حجم التجارة وتعدد مجالات الاستثمار.
وعزوا ذلك إلى أن طبيعة المجتمعات الخليجية العربية المتشابهة وروابطها الاجتماعية قد ساهمت في ارتفاع نمو الاستثمار الخليجي.
وأشادوا بما تشهده السعودية ومنطقة الخليج من تحول ثقافي واجتماعي واقتصادي، فضلاً عن خصخصة العديد من القطاعات بشكل أكبر بين دول المجلس، لتكون المنطقة من أكثر المناطق ديناميكية في العالم، وذلك نتيجة الفرص الممكنة والتمكين ورؤية التحول التي تنتهجها الحكومات.
وشددوا على التمييز بين الاستثمار في الأثر الاجتماعي أو الأثر البيئي أو الأهداف البيئية المستدامة، مع ضرورة قياس الاستثمار في الأثر في الشركات التي تقدم خدماتها ومنتجاتها وتولد أثراً مجتمعياً وبيئياً إيجابياً للمضي قدماً بإحداث الأثر في القطاعات المراد الاستثمار بها، فضلاً عن التركيز على تحقيق الأهداف المراد الوصول إليها.
كما أبرزوا أهمية تسليط الضوء على العلاقة ما بين الأهداف والعوائد العالية للاستثمار من أجل تخفيف المخاطر، من أجل مواكبة التغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، إضافة إلى ضرورة أن يتم التركيز على الأهداف الموضوعة مع زيادة الوعي في مثل هذه المؤتمرات التي من شأنها أن تسهم في استقطاب الكثير من الاستثمارات، فضلاً عن التوصل إلى رسم أهداف مشتركة سواء أكانت في مجالات التقنية أو تسخير قوة رؤوس الأموال من أجل الوصول إلى تحقيق الاستدامة المالية.
وناقشت الجلسة كذلك واقع نمو الاستثمار في أميركا اللاتينية والمحيط الهادئ، واستخدام البيانات للمساعدة في تقليل الخسائر على الشركات العالمية بمشاركة متحدثين عدة يمثلون شركات مالية واستثمارية وصناديق متخصصة.
جلسة حول معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة
كما عقدت جلسة خاصة لمناقشة معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة “ESG”، وذلك بمشاركة الرئيس التنفيذي لمجموعة “تداول السعودية” خالد الحصان وعدد من المتحدثين.
وتحدث الحصان عن السوق المالي السعودي وعملية الحوكمة التي تضبط المعاملات في السوق المالي السعودي، التي تقع تحت إشراف مباشر من هيئة السوق المالية، فيما تشغّل تداول السوق المالي، وتتخذ عدداً من المعايير الخاضعة لنظام السوق المالي وكذلك الشركات المدرجة بالسوق.
يذكر أن شركة “تداول” هي شركة مساهمة مقفلة سعودية وهي الجهة الوحيدة المصرّح لها بمزاولة العمل في إدراج الأوراق المالية في المملكة وتداولها، وتعد المصدر الرسمي لجميع المعلومات المتعلقة بالصفقات المنفذة للأوراق المالية المتداولة في السوق، ولها عضويات في المنظمة الدولية لهيئات أسواق المال (الأيوسكو) واتحاد البورصات العالمي واتحاد البورصات العربية.
مواضيع متنوعة
من جهة أخرى، عقدت جلسات عدة تناولت خلالها مواضيع “رأس المال الجريء ومقوماته” والنمو ومنظومة الأسواق الناشئة، بالإضافة إلى عودة الصين للاقتصاد العالمي عقب جائحة كورونا وطموحات الشباب.
واستعرضت الجلسات مناقشة كيفية تحفيز رأس المال الجريء للنمو الاقتصادي الذي يعد حجر الأساس للابتكار، بالإضافة إلى ما أتاحته جائحة كورونا للتوسع في الاستثمار في رأس المال الجريء والمشايع الجديدة، ورغبة المستثمرين في العالم بالاستثمار في رأس المال الجريء، والتطلع إلى المزيد من الاستثمار في هذا النوع وتوسع مشروعاته في بلدان عدة من بينها السعودية؛ حيث شهدت السنوات الثلاث الماضية إطلاق عدد من مشاريع رأس المال الجريء الموجه للابتكار، وذلك رغم المخاوف والأوضاع المحيطة بعد الجائحة.