رأت الجمعية العمومية للمصارف اللبنانية، أن الازمة التي يشهدها القطاع المالي والمصرفي اللبناني هي أزمة نظامية (Systemic) نتيجة لسياسات عامة تتحمل مسؤوليتها بصورة أولى الدولة اللبنانية بسلطاتها وأجهزتها المختلفة، والتي يقتضي معالجتها عن طريق وضع خطة شاملة للنهوض الاقتصادي، يجري فيها الاستعانة بالمراجع الدولية المختصة.
وأكدت في هذا المجال دعمها لاتفاق الدولة مع صندوق النقد الدولي، مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات التي أدلى بها معهد التمويل الدولي “the Institute of International Finance” الذي شدد على وجوب تحمّل الدولة مسؤوليتها الكبرى عن الخسائر التي تسببت بها سياساتها وقرارتها، والمحافظة على القطاع المصرفي ودعم الثقة به كشرط ضروري لإعادة انطلاق عجلة الاقتصاد الوطني.
وقررت الجمعية العمومية التي انعقدت بعد ظهر اليوم الأربعاء، تفويض مجلس إدارتها إجراء الاتصالات السريعة واللازمة في شأن تسريع صدور القوانين المتعلقة بخطة التعافي والمطلوبة دولياً، ولاسيما من صندوق النقد الدولي، ومنها:
– قانون الكابيتال كونترول الذي كان مطلب المصارف منذ بداية الأزمة والذي يهدف الى المحافظة على المخزون الحالي من القطع الأجنبي الضروري لتأمين معاملة المودعين على قدم المساواة ومن دون استنسابية.
– قانون إعادة هيكلة المصارف، مع التشديد على وجوب تأمين المشاركة السريعة والفعالة من قبل المصارف في إعداد هذا القانون، كونها المعني الرئيسي به في ضوء انعكاساته على موظفيها وعلى استمراريتها.
وإذ كررت إبداء احترامها للقضاء العادل وبأنّها تحت القانون، طلبت الجمعية من الجميع تطبيق هذا القانون، ولاسيّما لجهة التأكد من صفة المدّعين واحترام قواعد الاختصاص وصلاحيات المراجع القضائية واتخاذ التدابير التحفظية على الأشخاص والأموال إستناداً إلى أسس قانونية سليمة ومبررة ومتناسبة مع المطالب ومع الأخذ في الاعتبار انعكاساتها على تعامل المصارف مع المصارف المراسلة.
وبالمناسبة، أكدت أن لجوء المصارف الى الاضراب لم يكن ممارسة لهواية، بل جاء ردّاً على الظلم الفاضح الذي لحق برئيس مجلس ادارة أحد أعضائها، وعلى استسهال التعدّي على الحريات الفردية بالتوقيف من دون أي أساس قانوني جدّي، وأنها لن تتردّد باللّجوء إلى تدابير مماثلة إذا دعت الحاجة.
كما طلبت الجمعية العمومية، في ضوء تعقيدات وتقنيات القانون المصرفي، أن يصار إلى إنشاء محكمة خاصة بالأمور المصرفية، على غرار المحكمة “الخاصة بالأسواق المالية” والتي يقتضي تعيين أعضائها. وتقترح الجمعية العمومية أن تتألف هذه المحكمة من قاضٍ ذات خبرة في القوانين المصرفية ومن عضوين متمرسين في العمل المصرفي.
كما طلبت الجمعية العمومية التي تشدّد على الأهمية القصوى للقرارات السابقة، من مجلس الإدارة إعادة دعوتها إلى الانعقاد في نهاية شهر آب/أغسطس الحالي لتقييم التقدّم في تنفيذ القرارات المعروضة أعلاه، لكي تأخذ في ضوئه القرارات والخطوات المناسبة.
وفي مستهل الجلسة، ألقى رئيس الجمعية سليم صفير كلمة أكد فيها استهجان الجمعية لطريقة التعامل مع القطاع المصرفي في الفترة الأخيرة، أكان من ناحية توقيف الزميل طارق خليفة أو من ناحية التشريعات التي يتم تحضيرها والتي لم تأخذ في الاعتبار أن المسؤولية عن ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمصرفية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الدولة اللبنانية، كما تطرّق الى الاضراب الذي نفذته المصارف يوم الاثنين في الثامن من الشهر الحالي. كذلك عرض على الجمعية اقتراحات مجلس الإدارة في شأن مطالب القطاع المصرفي والخطوات التي يمكن اتخاذها في حال لم يتم التجاوب معها.